لا ضرائب بدون تمثيل :

=============

 

بتاريخ الخميس ، الموافق 14 مارس 2024 أصدر السيد رئيس مجلس النواب الليبي قرار رقم 15 لسنة 2024 م بشأن فرض ضريبة على سعر الصرف الرسمي . وقد كان القرار موضع جدل واسع في الأوساط السياسية والاقتصادية والقانونية .
* فمن الناحية القانونية – فقد أشار قرار رئيس مجلس النواب في ديباجته إلى 13 إسناد للقرار من بينها الإعلان الدستوري ، والنظام الداخلي لمجلس النواب ، وقانون الدين العام وقانون ضريبة الدخل وقانون تكوين احتياطي عام لسداد الدين العام ، وموافقة لجنة المالية والتخطيط ، وكذلك الدافع من وراء إصدار القرار ; وهو المصلحة العامة والاستقرار المالي في الدولة، باعتبارها كلها ذات صلة بقراره .
– وبالنظر الى المعيار الشكلي للقرار ; وباستقراء القوانين المشار إليها في ديباجة القرار يتضح أنه لا يُمنح رئيس مجلس النواب الصلاحية لفرض ضريبة بقرار قانونًا ، أو الانفراد بصياغة القرارات بصفته رئيس لمجلس النواب .
فالنظام الداخلي لمجلس النواب و الصادر بقانون رقم 4 لسنة 2014 م بشأن اعتماد النظام الداخلي لمجلس النواب باعتباره المرجع الأساسي قد حدد في المادة (13) منه اختصاصات رئيس مجلس النواب على سبيل الحصر ،دون توفير أي أساس قانوني لتوقيعه على القرارات ، وتنص المادة على أن رئيس المجلس مخول بتوقيع القوانين والقرارات والمراسلات التي تصدر عن المجلس أو لجانه، وذلك وفقًا للفقرة الأولى من المادة ، ويتوجب على رئيس المجلس عرض المشاريع على المجلس، سواء انتهت اللجنة من دراستها أم لم تنته بحسب ما تنص عليه المادة (61)، ولا يُصدر القرار بمجرد موافقة اللجنة المختصة بل يجب عرضه أمام المجلس للمصادقة عليه.
وقد يستند مصدر القرار الى الفقرة 11 ( التفويض في الاختصاص ) وهي ما يفوضه فيه المجلس من اختصاصات، وقد اشترط أن يكون التفويض بأغلبية مائة وواحد صوت. وهو ما لم تشر إليه ديباجة القرار .
– وبالنظر الى المعيار الموضوعي للقرار ; فإنه بناء على المبدأ القانوني ( لا ضريبة بدون تمثيل ) وهو مبدأ يشير الى أنه لا ينبغي فرض الضرائب على الأفراد دون أن تكون لهم مشاركة في صنع القرارات المتعلقة بتحديد الضرائب التي يجب دفعها بقوانين يصوت عليها من ينوب عنهم في المجالس النيابية ، لأن المواطن هو الداعم (المشتري) لأي ضريبة ، فإذا كانت الضريبة التي سيقوم بدفعها ستُقدم كأقساط لسداد الدين العام الذي لم يكن له يد في تراكمه بأي شكل من الأشكال ، فإن المواطن له حق الاعتراض ومسائلة من بدد هذه الأموال في غير أوجه صرفها. بدلًا من طلب المساعدة من جيب المواطن على شكل ضريبة .
وبالنظر الى القانون رقم 46 لسنة 2012 م بتعديل بعض أحكام القانون رقم 1 لسنة 2005 م، بشأن المصارف، وإضافة فصل خاص بالصيرفة الإسلامية .
في التعديل الثامن المادة ( الثانية والثلاثين ) فإنه تقع على عاتق مجلس مصرف ليبيا المركزي مسؤولية تحديد أسعار صرف الدينار الليبي، مقابل العملات الأجنبية، ويتولى إدارتها، حسب التطورات المالية والاقتصادية المحلية والدولية، وبما يحقق مصالح الاقتصاد الوطني.
وقد أحسن محافظ مصرف ليبيا المركزي التصرف في تقديم مذكرة لمجلس النواب يطلب فيها سن تشريع ضريبي أو تحديد رسم لمعالجة مشكلة اقتصادية يراها من زاويته تحل المشكلة بدل رفع سعر الصرف .
اما رئيس مجلس النواب فلم يكن موفقًا في الاجابة على طلب المحافظ ، ولا يوجد تفسير واضح لسبب واحد يجعل رئيس مجلس النواب يتخذ هذا القرار غير القانوني بمفرده ، ويتعامل مع قضية ذات أهمية بالغة وخطورة تتعلق بمتغيرات اقتصادية من شأنها تدني وتدهور المستوى المعيشي للمواطن الليبي حسب ما أكده أساتذة وخبراء اقتصاديين من جامعة تعد من أعرق الجامعات وهي جامعة بنغازي وانعقد الاجتماع يوم الاثنين 4 مارس 2024 وبحضور رئيس مجلس النواب شخصيًا لطلب الرأي .
ومن حسن الحظ أن كافة المبررات المذكورة في القرار كانت من المسائل الهامة التي اشارت اليها رئاسة الحكومة الليبية في كتابها ذي الرقم ش س . 162 . 64 في 7 مارس 2024 والذي أشارت فيه بخطورة الأمر إذا ما تمت الموافقة على طلب المحافظ .
ومع ذلك صدرت (ضريبة) (بقرار ) (منفرد ) ، واخيرا ، تجدر الاشارة الى ان القرار لم ينشر في أي قناة رسمية تابعة لمجلس النواب .
انتهى ..