الجمعة أو السبت ؟
============
لقد استعدت دولة ليبيا ، مساء يوم الخميس، لتحري هلال شهر شوال الذي يحدد بداية عيد الفطر المبارك. وقد أعلنت الهيئة العامة للأوقاف الليبية حسب إفادة لجنة تقصي الأهلة التابعة للجنة العليا للإفتاء أنه قد تمت رؤية الهلال ليلة الخميس .
لكن هل كان هذا الاعلان رسميًا ووجب الأخذ والالتزام به ؟
للاجابة عن هذا السؤال يتعين علينا العودة الى عام 2012 م ، عندما أصدر المجلس الانتقالي قانون رقم (15) لسنة 2012 بشأن إنشاء دار الإفتاء .
وقد حدد هذا القانون اختصاصها في المادة (2) منه والجهة التي تختص بتكليف المفتي وتبعيته في المادة (6) وسياق عمل دار الافتاء في المواد (9) (10) (11) (12) وتحصين فتاويها في المادة (13) وتنظيمها الإداري والمالي موزعة على المواد الاخرى المنصوص عليها في نفس القانون .
وعند استقراء المادة (6) فنجدها تشير الى أن يعين المفتي من قبل المجلس الوطني الانتقالي أو من يحل محله …
وفي هذا السياق ، تبنى المؤتمر الوطني القانون وأبقى الحال كما هو عليه ، ثم حل محله مجلس النواب الليبي .
وقد عقد مجلس النواب اجتماعه العادي الرابع والعشرين المنعقد يوم الأحد بتاريخ 09/ 11/ 2014 م. وقد لخص الى اصدار القانون رقم 8 لسنة 2014 م بشأن حل دار الإفتاء الليبية .
وقد انشأ هذا القانون شخصية اعتبارية جديدة وهي : الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية ، وأُلحِقت بها الاختصاصات المنصوص عليها في الفقرة الاولى والثانية والثالثة من المادة (2) من قانون رقم (15) لسنة 2012 بشأن إنشاء دار الإفتاء ، والتي تتعلق بالاتي :
- وضع السياسة العامة للإفتاء في ليبيا.
- الإشراف على الشؤون العلمية للإفتاء وإعداد الخطط اللازمة لتنظيمه والنهوض به بالتعاون مع علماء الشريعة.
- تحديد ثبوت الأهلة وبداية الشهور القمرية التي تتعلق بها أعياد المسلمين وعباداتهم.
لا نستطيع التأكد من الأسباب الرئيسية وراء هذا التغيير الكبير ، وفي نظرنا .. وكما هو الواقع قد يعود السبب الى اعتباره رد فعل ضد التجاوزات التي قام بها المفتي مستغلا منصبه في اصدار فتاوى فردية تسببت في إراقة دماء الأبرياء من المدنيين حيث كان يبيح ويحث على شن العمليات التفجيرية واصدار فتاوى تخدم مصالح دول أخري تتفق مع الفكر المتطرف للتنظيم الإرهابي الدولي .
وبصدور القانون رقم 8 لسنة 2014 م بشأن حل دار الإفتاء الليبية ، يُعتَبر المفتي معزولًا عن منصبه و ممثلا لنفسه فقط ، ويرجع الى سابق عمله كما نص القانون .
و تعتبر الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية هي الجسم الشرعي والجهة الشرعية الوحيدة التي تختص بتحديد ثبوت الأهلة وبداية الشهور القمرية التي تتعلق بها أعياد المسلمين وعباداتهم. ولا علاقة لإي جهة بالتدخل في هذا الشأن قانونًا .
عملت الحكومة الليبية المؤقتة “حكومة الثني” على تنفيذ هذا القانون والالتزام به. أما بعد تولي حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة “حكومة الدبيبة”، والتي حصلت على ثقة مجلس النواب، فإنها لم تتناول هذا الشأن ولم تنظر في الملف بشكل نهائي. ولم تقم بدمج المؤسسات الأخرى التابعة لدار الإفتاء، مما يعتبر تجاوزًا صريحًا للقانون، حيث تعاملت مع جهة معدومة الوجود قانونيًا واعتمدت عليها في تلقي الفتاوى .
هذا التضارب واللغط في تحديد عيدنا يعكس تأثير السياسات والدوافع المشبوهة التي أثرت سلبًا على حياة الليبيين دينيًا ودنيويًا.
يجب على الاشخاص و الجهات المعنية في ليبيا توحيد جهودهم والعمل بشكل موحد لتحقيق مصلحة الشعب الليبي وتأكيد القيم الدينية والعقائدية، بعيدًا عن المصالح السياسية والشخصية.